رئيس التحرير : مشعل العريفي

العربية : كيف تشكل حلف "الفضول" الصحوي؟-صور

تابعوا المرصد على Google News وعلى سناب شات Snapchat

صحيفة المرصد:استطاعت خلايا الصحوة في السعودية عبر رموزها الشرعية الدينية، السنية منها والشيعية، إلى جانب جناحها الحركي والذين أطلق عليهم محسن العواجي لقب "التكنوقراط"، من أكاديميين ومثقفين وكتاب شمل بعضا من ذوي النزعة اليسارية وقليلاً من الناصرية وكثيراً من الإخوان والسرورية.أن توظف وفي كل مناسبة سانحة أزمات محلية، تتعلق بشرائح مجتمعية مختلفة سواء أكان على الصعيد الاقتصادي أو المستوى الخدماتي، والسياسي، والشرعي، تمكنت عبرها من طمس معالم الانقسامات في الفضاء الاجتماعي.
حلف "الفضول" ووفقاً لموقع"العربية نت"تجلى هذا التماهي أو ما يمكن تسميته بالتواطؤ المجالي في أكثر من مناسبة وفي وقت مبكر من بدء مرحلة "تمهيد الظهور لما يسمى بـ" الربيع العربي" أو "الفوضى الخلاقة"، كان منها ما رصد في ظاهرة البيانات المشتركة لأسماء وقوى ذات مرجعيات ثقافية متناقضة في السعودية، كبيان "الملكية الدستورية" في 2003، وخطاب "المطالب الوطنية" الذي ضم طيفا فاقعا في تناقضاته حتى إنه ضم صحويين وعلمانيين شيعة، وجاء التحالف متزامنا مع جولة العنف الأولى لتنظيم القاعدة وعقب أحداث 11 سبتمبر، حيث سعى التيار الصحوي لاستغلال أي مواجهة حكومية أو اشتباك عسكري مع التنظيمات "الجهادية" الراديكالية، لتحقيق مكاسب سياسية سواء أكان عبر الدعوة إلى الحوار مع هذه الجماعات أو الى اعتبارهم "الصحوة" ركنا رئيسيا من الحل وخلع التطرف، رغم تبني خطاب الصحوة ذاته نظرية "الخلافة" وتحكيم الشريعة الإسلامية وفق مفهومهم الخاص الإيديولوجي والنفعي.
وحاول بعضهم تبرير هذا التناقض في المرجعيات الثقافية بين من يصنف بكونه محسوباً على العلمانية أو الإسلاموية بتشبيهه بـ"حلف الفضول" الذي جرى في الجاهلية وأثنى عليه الرسول.
وكان مما ظهر في لحظة الغزل بين التيار المسمى بالليبرالي والإسلاموي وبداية انتهاء الخصومة بين الاتجاهين ما قاله الناشط السعودي صاحب الحماسة القومية الناصرية محمد سعيد طيب، عن الداعية الأصولي سلمان العودة في أحد اللقاءات التليفزيونية حيث خاطب طيب سلمان العودة بـ "بالصديق الجميل والرمز الكبير"، إلى جانب العبارة الشهيرة التي كررها طيب عن نفسه في تلك المرحلة: "أنا ليبرالي ولكن وفق الكتاب والسنة".
كذلك، كان من التماهي الإسلاموي مع التيار اليساري المعارض في الخارج والأكثر غرابة، ما كشف بعد اختراق حساب مضاوي الرشيد في 2015، من رسائل متبادلة بينها وبين الداعية الصحوي عوض القرني من بين ما جاء فيها مطالبته إياها بإنصافهم قائلا: "حياك الله يالضيغمية لعلك تتفهميننا وتنصفينا أكثر".
بعد ذلك، سعت تيارات الإسلام السياسي سنية وشيعية أن تجعل من الحوار الوطني وسيلة لبناء الجسور بينها باسم الحوار، والأقرب أنه كان حوارا أصوليا أصوليا أو صحويا صحويا، بالمعنى العريض لكلمة الصحوة التي تشمل الإسلاميين سنة وشيعة، دون أن يعني ذلك أن الحوار الوطني كان مسخّرا لهذا الهدف وإنما سعوا إلى توظيف ذلك.
في 2004، أمر الملك عبد الله بن عبد العزيز بإنشاء مركز الحوار الوطني بهدف توفير البيئة الملائمة الداعمة للحوار الوطني بين أفراد المجتمع وفئاته من (الذكور والإناث) بما يحقق المصلحة العامة ويحافظ على الوحدة الوطنية وترسيخ ثقافة الحوار.
من مشاهد تلك الأجواء لقاء عوض القرني في 2004 بحسن الصفار في منزله بالقطيف شرق السعودية، حضره نخبة من الشخصيات العلمية الشرعية من القطيف والأحساء والبحرين، ومجموعة من المثقفين والأكاديميين، لحقه بعد ذلك إلى مجالس الصفار وزملائه في القطيف الداعية الصحوي سعد البريك وسلمان العودة وغيرهم من دعاة الصحوة.
الصحويون و"حسن نصر الله" في يوليو 2006 بدأت تتصاعد دعايات "حزب الله اللبناني" تحت شعار المقاومة، جاء ذلك متزامنا مع حرب تموز الحرب الإسرائيلية على لبنان، والتي استمرت 34 يوما على إثر خطف حزب الله اللبناني لجنديين إسرائيليين، قامت بسببه إسرائيل بقصف ما يقارب 15 مدينة لبنانية وسقط المئات من القتلى المدنيين وتشرّد المئات.
وصفت السعودية حينها عملية حزب الله اللبناني بـ"المغامرات غير المسؤولة" وكانت السعودية ومصر قد أصدرتا بيانا هاجمتا فيه ما وصفته بعناصر لبنانية، بسبب ما اعتبرته "مغامرة غير محسوبة دون الرجوع الى السلطة الشرعية" ودون التنسيق مع الدول العربية، وهو ما رفضه دعاة الصحوة في السعودية بفرعيه الإخواني والسروري.
وكان قد أعلن مرشد جماعة الإخوان المسلمين بمصر مهدي عاكف "أن جماعة الإخوان المسلمين مستعدة لإرسال عدة آلاف من أعضائها للقتال إلى جوار حزب الله في لبنان في حربه مع إسرائيل".
في المقابل، خرج عدد من الدعاة السعوديين الصحويين بالدعاء لحزب الله اللبناني بالنصر، من بينهم كان الداعية محمد بن يحيى النجيمي أستاذ الفقه بالمعهد العالي للقضاء الذي أكد على تأييده الكامل لحزب الله وقال خلال حديث بثته قناة المستقلة السبت 22 يوليو 2006: "إنه لولا حزب الله لما كانت بيروت إلا نسخة مصغرة من مستوطنات إسرائيلية كما هو الحال في الجولان والضفة الغربية المحتلة، وقال: "إن إيران ربما تدعم حزب الله سياسيا وهذا واجب على كل مسلم لكنها لا تدعمه لا بالسلاح ولا بالمال".
إلى جانب النجيمي، كان الداعية محسن العواجي الذي خرج بعد 13 يوما من المعارك الدائرة، ليعلن عن تأييده لحزب الله وزعيمه حسن نصر الله عبر موقعه الشخصي في 24 يوليو 2006، وكذلك فعل عوض القرني قائلا: "إننا قد نختلف مع حزب الله أو مع غيره ولكن خلافنا معه لا يسوغ لنا ألا نقف معه في دفاعه عن الأمة ودفع الظلم والعدوان عن الشعب اللبناني".
لتدشن الحقبة الزمنية باجتماعات ولقاءات مع عدد من دعاة الصحوة بزعيم حزب الله اللبناني حسن نصر الله وإلى جانب يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، والانضمام إلى ما سمي باتحاد المقاومة وحضور الاجتماعات في الضاحية الجنوبية.
في تلك الفترة تم تصعيد نجومية حسن نصر الله كمقاوم عربي وفق توجهات شعبوية ضمن رسالة المقاومة، وساهم في ذلك أيضا النائب الكويتي الأصولي المقرب من جماعة الإخوان وليد الطبطبائي قائلا: "تأييدنا لحسن نصر الله لأنه يمثل رمز المقاومة"، كذلك فعل التيار الليبرالي بتمجيده واعتباره جزءا من المقاومة. ليتجسد هذا التحشيد في السعودية بمظاهرة في مدينة جدة غرب السعودية بالقرب من دوار البساتين قادتها إحدى النساء.
وما بين 2008 و2009 أخذ الشارع السعودي بالانتقال من كونه شارعا متدينا بالمعنى العام إلى صحوي إخواني الهوى دون أن يشعر بنقطة التحول تلك، عقب ترويج مكثف لدعاية سوداء تجاه رموز السلفية والعلماء الرسميين بالسعودية، خصوصاً عقب وفاة كل من ابن عثيمين وابن باز واستبدالهما برموزهم من دعاة الصحوة أمثال سليمان العلوان وسفر الحوالي وسلمان العودة.
بروباغندا الحقوق السياسية
في 2011 تكشف أكثر دور الإسلاميين "التبشيري" لخطاب الحقوق السياسية دون الإيمان به، وفق ما يسمى بالسجال المدني المشروع وتحت شعارات حرية التعبير والإصلاح، مشكلين بذلك جبهة جديدة خليطا من الإخوان المسلمين وبقايا قوميين واليسار الثوري وأصوليين انضمت إليها أيضا نسوة "الصحوة".
وذلك عبر ما سمي بـ"معتقلي الرأي" ومن ثم "إلا الحرائر" ثم صعدت القصة إلى "فكوا العاني" والتي استمرت حتى 2014 قبل أن يتنصل منها الطيف الليبرالي واليساري بعد إحراجهم من قبل تنظيم القاعدة الذي أصدر بيانا للمطالبة بإطلاق موقوفيه الأمنيين والإعلان عن قائمة من الأسماء، مقابل تحرير القنصل السعودي عبد الله الخالدي الذي اختطفه التنظيم في اليمن في مارس 2012 وظل رهينة لمدة 3 سنوات قبل تحريره.
وكان سلمان العودة قد كتب مقالا في موقع "الإسلام اليوم" والذي يديره العودة نفسه، بعنوان "فكوا العاني" في 2014 قائلا: "ومعظم دول العالم، بما فيها الدول العربية والإسلامية تعاني ضموراً شديداً في ثقافة الحقوق الإنسانية وتمارس تهرباً من التزامها تحت بنود شتى، فضلاً عمن يتهم بجريمة أو يشك في ولائه! والملف يقتضي الإضاءة حول حقوق الأسير في الرؤية الإعلامية".
ومع الدعاوى تحت شعار الحرية والحقوق المدنية استغل تيار الإسلام السياسي في السعودية مساحة الحرية في الفضاء الإعلامي السعودي، تصاعدت معها وتيرة برامج ما يسمى بصناعة التغيير، بالإضافة إلى نسخ برنامج طارق السويدان منها كان "رياح التغيير" و"تاريخنا في الميزان"، قبل أن تتم إقالته هو أيضا من قبل إدارة القناة الفضائية في 2013، من بين ما جاء فيها تثوير العامة ضد الحكام ومن أسماهم بعلماء السلطان قائلا: "لا تتركوا أموالكم عند الطغاة لا تقولوا نسامح في الذي مضى المسامحة ليست في حقوق البشر خذوا حقكم ثم سامحوهم إن شئتم لكن اخرجوا الأموال التي عندهم تابعوهم هم وأولادهم واحدا واحدا.. بعض الطغاة عندنا الحمد لله تخلصنا من أكثرهم عندنا يريد طاعة ولي الأمر طاعة ولي الأمر لما يعطيني حقي بعدها تطالبني".
ليبراليون.. إخوان وقاعدة
فما كان لهذا التماهي النفعي سوى أن تظهر سوأته مع ما سمي بـ"الثورات الشعبية" و"إرادة الشعوب" على حد زعم الصحويين، ولم يقتصر الأمر على الإسلامويين وحلفائهم من اليسار والعروبيين، وإنما امتد إلى تنظيم القاعدة ليخرج رموزها مؤكدين على دورهم ومساهمتهم في الإعداد وتجهيز الأرضية.
وكما جاء في كلمة لأسامة ابن لادن في مجلة "طلائع خراسان" العدد 19 في 2011، أكد فيها على دور القاعدة "في المساعدة بوضع اللبنة في الطريق وسهلت لهذه الثورات والتأسيس لها وتهيئة الأرضية لها بالعمل على تكسير حاجز الخوف لدى الجماهير وأجيال الأمة ومن خلال بث روح التحدي والمحافظة على قوة الرفض والإباء والظلم".
وخلافا لما جاء من قبل قلة قليلة من الكتاب السعوديين المحذرين من صعود الإسلام السياسي ممثلا بالإخوان المسلمين الى سدة الحكم، كان الصوت الأعلى بإعطاء الإخوان فرصتهم في تولي الشأن السياسي وامتلاك النفوذ، حتى أن اتهم البعض منهم الفريق الأول بإصابته بما أسموه بـ "فوبيا الإخوان" أو كما قال الكاتب السعودي "خلف الحربي" في مقالة حينها: "هلكتونا بالإخوان"، أثنى عليه سلمان العودة لاحقا.
وفقا لنظرية الحركات الاجتماعية، تبقى التعبئة عملاً استراتيجياً تدوم مع مرور الوقت معتمدة على أطر للتأويل موجودة سلفاً، وبالتالي فالثورات: "لا تظهر بفعل السحر، ولا الإحباطات، والتوترات وحدها تفسر سبب أو كيفية إقدام الرجال والنساء على العصيان".


arrow up